مقدمة
القراء الأعزاء،
يمثل شكل شعر الرأس أهمية اجتماعية وثقافية كبيرة لدى البشر منذ القدم. وكان أعضاء الطبقات الاجتماعية الطوائف الدينية المختلفة يسعوا عبر التاريخ لاستخدام الشعر كوسيلة لتقديم صورتهم الاجتماعية والثقافية للآخرين. صحيح أن شكل الشعر لم يعد اليوم من العوامل المميزة لفئات اجتماعية معينة كما كان من قبل، ولكننا لا نستطيع أن ننكر في الوقت نفسه أن كل البشر تقريبًا ينظرون لشكل الشعر كأحد العوامل المؤثرة في تقييم كل شخص لنفسه من الناحية الجمالية. وكما كان الشعر يعطي في الماضي دلالة على المكانة الاجتماعية للشخص، أصبح الشعر في عالمنا الحاضر يعطي تأثيرًا جماليًا شخصيًا، وبالتالي فإنه يكتسب أهمية كبيرة ويؤثر على الراحة الشخصية لدى الجميع. لهذه الأسباب، لا يبدو مستغربًا أن يشعر كل منا بأنه يواجه مشكلات كبيرة حين يعاني من تساقط شعر الرأس بشكل متزايد، وخاصة إذا كان هذا التساقط مرتبطًا بأمراض تساقط الشعر (الصلع). لذلك، فقد اهتم البشر حتى قبل بداية عصر العلوم الحديثة بالبحث عن وسيلة لإيقاف تساقط الشعر، أو حتى استعادة الشعر المتساقط مرة أخرى. وقد نشأت في هذا السياق العديد من الأساطير على مر الزمن، حول أسباب تساقط الشعر وكيفية منع هذا التساقط.
وقد جمعت لكم في هذه المقالة مجموعة من الخرافات والأساطير حول تساقط الشعر. قد تكون هذه الأساطير مسلية بشكل أو بآخر، ولكنها قد تكون خطرة وضارة إلى حدٍ ما إذا تم تنفيذها فعلاً. لذلك، أرجو منكم ألا تنسوا أن هذه الخرافات عن تساقط الشعر مذكورة بغرض التسلية فقط! وهي في المقام الأول مجموعة من الخرافات والأساطير المتوارثة عبر التاريخ، ولا يجوز لأي شخص أن يحاول تكرارها.
أتمنى لكم الاستمتاع بالقراءة!
مع خالص تحياتي،
أنجيلا ليمان
أساطير حول أسباب تساقط الشعر
يحتوي هذا الفصل على بعض الأساطير التي تناقلتها الأجيال المتعاقبة حول أسباب تساقط الشعر. وكما سترون، لا تستند هذه الأساطير إلى المعارف العلمية المتاحة اليوم، ولذلك فإنه من الضروري استبعادها من ضمن الأسباب الكامنة وراء تساقط الشعر.
المشاعر السلبية والشعور بالكآبة
منذ فترات طويلة ترسخ لدى الناس الاعتقاد بوجود علاقة بين الصلع والمشاعر السلبية والكآبة، ولذلك فقد اعتبروا أن تلك المشاعر هي المسؤولة عن فقدان الشعر. أي أن الناس الذين يعانون في الكثير من الأحيان من مزاج سيئ أو إرهاق في المشاعر، يكونون أكثر عرضة لخطر تساقط الشعر.
من وجهة نظر عالمنا الحالي، ليس من السهل إطلاقًا معارضة هذه الأسطورة، لأن السؤال التالي سوف يقفز إلى أذهاننا على الفور: ألا تنطبق هذه الفرضية على أرض الواقع؟ من الناحية الإحصائية، قد تكون هذه الحالة متكررة في كثير من الأحيان، لأن كل إنسان يتعرض لفترة من الاكتئاب أو الحزن في حياته دون أن يتمكن من الفرار من هذه المشاعر. وقد يعزى هذا إلى أسباب منها على سبيل المثال المصائب أو صدمات القدر.. ولكن مع ذلك لم يلاحظ العلماء تكرار تساقط الشعر بشكل مفاجئ لدى الأشخاص الذين تحل بهم مصائب كبيرة. هذه الفرضية يمكن تقبلها أثناء الحروب على سبيل المثال، إلا أنها لم تثبت نجاحها حتى الآن. ولذلك فإنه لا يبدو أن هناك أية علاقة سببية بين المصائب التي تحل بالشخص وفقدانه للشعر.
ولكن كيف تسير الأمور عندما نلحظ تواجد المرض لدى من يعيشون تجربة أو مصيبة شخصية كبيرة، على الرغم من أنه لا يوجد سبب موضوعي لذلك؟ من الناحية الطبية يمكن أن يطرح الاكتئاب نفسه على سبيل المثال كمرض يصاحب تجارب المعاناة. في هذه الحالة أيضًا ومن وجهة النظر العلمية، لم يلاحظ تراكم الصلع بين الناس من الاكتئاب أيضا. وبالتالي، فإن الآثار السلبية لا تؤدي إلى فقدان الشعر. ولكن بما أننا نتحدث من الناحية العلمية، فعلينا أن نذكر ملاحظة واحدة مرتبطة بهذا الشأن، وهو أن هناك مرضًا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأمراض الاكتئاب، ويؤدي في الواقع إلى فقدان الشعر. هذا المرض يسمى ““، حيث يشعر الأشخاص المصابون بهذا المرض برغبة شديدة في نتف شعرهم. هذا المرض يتواجد لدى المرضى المصابين بالفعل بالاكتئاب، ولكن مع ذلك لا يمكن اعتبار نتف الشعر أحد أشكال تساقط الشعر وفقًا للمفاهيم الطبية.
وخلاصة القول أن المشاعر السلبية أو المعاناة الذاتية لا تؤدي إلى تساقط الشعر. وبالنسبة للربط بين نوعية الحياة الشخصية وتساقط الشعر، هناك بالفعل علاقة من وجهة النظر العلمية، ولكنها تسير في الاتجاه المعاكس تمامًا، وهي كالتالي: لا تتسبب نوعية الحياة المنخفضة في تساقط الشعر، بل إن تساقط الشعر هو ما يسبب انخفاضًا في نوعية الحياة!
المجهود العقلي أو البدني الشاق
تاريخيًا، كان من الأمور الشائعة أن يعزي الناس إصابة الشخص بالصلع إلى قيام هذا الشخص بمجهود عقلي أو بدني شاق. وهناك طيف تصوري واسع في هذا الإطار، سواء على الصعيدين الذهني أو الجسدي. فمن ناحية هناك المهام الفكرية المعقدة أو حل المعضلات الذهنية الشديدة، وهو ما يجعلنا نصف من يقوم بهذه الأمور بأن لديه “جبهة المفكّر”. كما أن من يواجه مشكلة عويصة لا يستطيع حلها، يقول “سأشد شعري منها”! ومن ناحية أخرى يحمّل البعض الحياة الجنسية المفرطة مسؤولية تساقط الشعر.
مع الجهد العقلي يتشابه الأمر مع المشاعر السلبية: ليس هناك شخص لا يحتاج إلى بذل مجهود ذهني في حياته، وعلى ما يبدو بشكل حدسي أن النشاط الذي يتم القيام به بالرأس فقط، يكون له تأثير أخطر حتى في تغيير المظهر من النشاط الجسدي. كما أن الشخص الذي يفكر بشكل دائم، غالبًا ما يجلس دون حركة، وعندما لا تمسك يده بالقلم الموجود على الورقة أمامها، يبدأ هذا الشخص في وضع يده على جبينه أو جانب رأسه، مما يسهم في تقوية انطباع علاقة سببية أكثر فأكثر. ومع ذلك، ومن الناحية التجريبية، ليس هناك دليل على أن التفكير أو حل المشكلات يؤدي إلى تساقط الشعر، وإلا لفقد الكثير من الطلبة شعرهم قبل الامتحانات النهائية في المدارس أو الجامعات. ولكن هذا ليس هو الحال! ومع ذلك، لا ينبغي إغفال سياق مختلف: تمامًا كما في حالة الاكتئاب، من الممكن أيضًا أن الأشخاص الذين يقضون فترات طويلة في التفكير في مشاكل ينسون الحصول على غذائهم المتوازن أو يعانون من نقص عام في الشهية. هذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى نقص التغذية السليمة في كلتا الحالتين، وهو ما يمكن أن يسبب فقدان الشعر على المدى الطويل.
مرة أخرى، تختلف الأمور بعض الشيء عندما يعتقد بأن الحياة الجنسية المفرطة سبب في تساقط الشعر. في هذه الحالة لا يكون المجهود البدني المفرط هو المحرك الأساسي لخطر تساقط الشعر، بل يعتمد هذا الاعتقاد على الفكرة الشائعة أن الشخص الذي يعيش مثل هذه الحياة يكون له العديد من شركاء الجنس الذين يتغيرون بشكل متكرر. والواقع يخبرنا بأن هناك دليل تاريخي على وجود علاقة علمية بين الصلع والشركاء المتغيرين بشكل متكرر: في الماضي، كان الزهري واحدًا من أكثر الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي. والزهري مرض معدٍ تسببه البكتيريا اللولبية الشاحبة، وينتقل عن طريق الاتصال بالغشاء المخاطي. يدور الزهري في أربع مراحل، ويتعرض عدد كبير من المصابين بالعدوى في المرحلتين الثانية أو الثالثة من المرض لتساقط الشعر (الصلع الزهري). ويظهر تساقط الشعر هنا على هيئة بقعة صغيرة في منطقتي الجانبين ومؤخرة الرأس. وقد اقتصر المرض خلال القرن العشرين على التواجد في أجزاء كثيرة من العالم، حيث بدأ في الظهور وسائل منع الحمل والوقاية إلى جانب المضادات الحيوية الأكثر فعالية للقضاء على مسببات المرض. لهذه الأسباب، ينبغي بصفة عامة ألا نستبعد عدوى الزهري في حالة ظهور ثعلبة مجهولة السبب بشكل مفاجئ، ولكن ينبغي التفكير أيضًا في أن تساقط الشعر بسبب مرض الزهري يلعب دورًا ثانويًا للغاية بين جميع العوامل المسببة لتساقط الشعر. كما تظهر أعراض أخرى في حالات عدوى الزهري، وتشكل متاعب للشخص المتضرر حتى قبل أن يبدأ الصلع الزهري في التطور.
الطفيليات والكائنات المتعايشة
منذ أن اخترع الباحثون المجهر وغيره من الأجهزة لتكبير الكائنات والمخلوقات الصغيرة والمتناهية الصغر، والبشرية تتفاجأ دائمًا بهذا التنوع الكبير في الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش معها وبصفةطفيليات، كونها تتسبب في متاعب واضحة للمرء. ولكن ظلت كائنات أخرى مشاركة لنا دون أن يتم اكتشافها لمدة طويلة، لأنها كانت ببساطة غير ملحوظة. وهؤلاء الشركاء باتوا يعرفون اليوم باسم الكائنات المتعايشة.
لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً بعد ذلك حتى بدأ الاعتقاد في وجود سبب جديد لفقدان الشعر: أعضاء جنس الشعروية (التريكوفيتون ssp). هذه المجموعة من الفطريات تستوطن جلد وأظافر الإنسان، وبالتالي يمكن أن تتسبب أمراض الجلد. فإذا أصيبت فروة الرأس بعدوى، فيمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى الإصابة بمرض تينيا الرأس. ولكي تتمكن هذه الفطريات الطفيلية من البقاء، فإنها تخترق فروة الرأس إلى الشعر وتتغذى علىالكيراتين (المكون الرئيسي للشعر)، مما يسبب تكسر وهشاشة الشعر المتضرر، ليبدأ في التساقط من فروة الرأس عند أقل جهد يقع عليه. الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض تظهر برؤوسهم مناطق واضحة خالية من الشعر (يعرف المرض تاريخيًا باسم صلع Alopecia celsi). هذه الأمراض يمكن علاجها بشكل طيب باستخدام الشامبوهات المثبطة للفطريات ومضادات الفطريات، لذلك يبدو الأمر وكأنه نوع من تساقط الشعر يمكن عكسه.
يعيش حوالي 70% من الناس مع الدويديات (Demodex ssp). وعلى الرغم من أن هذا النوع من القراديات يتطفل على معظم أنواع الثدييات، إلا أنه يتعايش معها شأنه شأن الكائنات المتعايشة الأخرى. ومع ذلك تنطبق الحقيقة التالية سواء على هذه الدويديات أو على الفطريات المذكورة أعلاه: الاستعمار لا يؤدي بالضرورة إلى فقدان الشعر، لأن حدوث هذا الأمر يعتمد على عدة عوامل، أهمها هو قوة النظام المناعي للشخص، والذي يتوقف على الأمراض المعدية، والعادات الغذائية، ومستويات الإجهاد اليومي، وما إلى ذلك، أكثر من توقفه على وجود نوع ما من الفطريات أو القراديات.
تساقط الشعر بسبب غطاء الرأس
هناك أسطورة أكثر حداثة حول تساقط الشعر تشير إلى أن ارتداء أغطية الرأس لفترات طويلة ومتكررة من شأنه أن يؤدي إلى فقدان الشعر. جرت العادة على اعتبار أن غطاء الرأس الضيق يؤثر سلبًا على دوران الأوعية الدقيقة في فروة الرأس، حيث يؤثر ذلك على وصول الأكسجين والعناصر الغذائية إلى بصيلات الشعر، مما يؤدي إلى ضمورها على المدى الطويل.
ومع ذلك، فإنه يمكن القول إن جذور الشعر تحصل على الأكسجين والعناصر الغذائية عن طريق الدورة الدموية، وأن ارتداء أغطية الرأس بغض النظر عن نوعها (في حالة الاستخدام السليم) لا يمكن أن يؤدي إلى حدوث اضطرابات في دوران الأوعية الدقيقة.
وهناك نوع خاص من هذه الأسطورة الذي يطرح في كثير من الأحيان من قبل الشباب الذين أنهوا لتوهم فترة التجنيد في الجيش. فالشباب ينتابهم في هذه الفترة قلق من احتمالات فقدانهم لشعرهم، ويعزون ذلك إلى ارتدائهم الخوذات طوال فترة التجنيد. هذا الوضع يخلق لنا حالة خاصة، فالمجندون يكونون بيولوجيًا في نهاية فترة البلوغ، وتبدأ مستويات هرمون الذكورة لديهم في الاستقرار (انظر القسم التالي أيضًا). ولكن في حالات فردية، قد يتزامن هذا الاستقرار الهرموني مع بداية حالة الثعلبة (الذكرية). ولكون نهاية فترة التجنيد، أو بالأحرى نهاية فترة ارتداء الخوذة، تتزامن مع بداية حدوث الصلع، فإن الخوذة تكون غالبًا هي المتهم الأول المسؤول عن تساقط الشعر. هذا الأمر غير صحيح، وكل ما في الأمر أنها مستويات الهرمونات تعود للاستقرار من جديد في نهاية مرحلة البلوغ.
ما الأسباب الحقيقية لتساقط الشعر؟
ناقشنا في الفصول الثلاثة السابقة الأساطير ومدى صلتها بالواقع. والآن نتطرق إلى الأسباب الحقيقية التي تسبب تساقط الشعر.
والجواب، كما الحال في كثير من الحالات، معقد جداً. فالأدوية والتغذية غير الكافية من الأسباب المحتملة، كما أن الندوب التي تحدث بسبب الحوادث والحروق والحروق الكيميائية تعد أيضًا من الأسباب التي تؤدي إلى تساقط الشعر. أيضًا التغيرات الهرمونية مع التقدم في السن أو الحمل أو انقطاع الطمث يمكن أن تكون مسؤولة عن تساقط الشعر. ولذلك يجب دائمًا أن يتم تحديد السبب بشكل فردي، على أساس الحقائق المؤكدة.
ونحن نعلم أن الشكل الأكثر شيوعًا لتساقط الشعر هو داء الثعلبة ذكرية الشكل، الذي يعرف أيضًا باسم الصلع الوراثي. ويمكن أن يعاني كل شخص من هذا النوع من الصلع، لأنه ينتقل وراثيًا من جيل لآخر. وتنشأ الثعلبة الذكرية من فرط حساسية بصيلات الشعر تجاه هرمون الديهدروتستوسترون. وحيث إن هذا الهرمون موجود أيضًا في فروة الرأس، فإنه يتحد مع بصيلات الشعر ويعمل على تقصير مراحل نمو الشعر، لتكون النتيجة في النهاية هي بدء مرحلة الصلع. وفي النهاية تتوقف البصيلات المتضررة عن النمو.
أساطير حول علاج تساقط الشعر
ما نشأت العديد من الأساطير حول أسباب تساقط الشعر، نشأت بالتوازي أيضًا العديد من الأساطير حول أفضل طرق العلاج. وسوف نناقش هنا الأساطير الأكثر شيوعًا. وهنا يجب أن نشير مرة أخرى إلى أن هذه التدابير قد تبدو غريبة أو مضحكة، وهو المقصود تمامًا من ذكرها. ومع ذلك، يجب ملاحظة أن أيا من هذه التدابير لن يساعد في وقف تساقط الشعر أو استعادة الشعر المفقود. كما يمكن لهذه الأساليب أن تسبب أضرارًا على الصحة في أسوأ الحالات.
الزيوت والدهون
ن أقدم طرق علاج تساقط الشعر تعتمد على استخدام الزيوت والدهون. ويتم وضع هذه المركبات أو التدليك بها على المناطق (المتبقية) من الشعر أو فروة الرأس، ومن المفترض أنها تقوي الشعر أو فروة الرأس. ونشير هنا إلى أن استخدام الزيوت والدهون لعلاج تساقط الشعر، لا يعود إلى حقيقة أنها حققت نجاحًا كبيرًا في هذا الأمر، بل لأن هذه المكونات تعد على الصعيدين الحضاري والتاريخي أقدم المنتجات الطبيعية التي استخدمت للعناية بالجسم منذ القدم.
أولاً يمكن القول بأن الزيوت والدهون ليس لها أي آثار فسيولوجية على الشعر. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن الجزء المرئي من الشعر (جذع الشعرة) غير حي ولا ينطوي على أية عمليات أيض. لهذا السبب لا تمتلك الدهون أي تأثير على الشعر عند استخدامها خارجيًا. ومع ذلك تظل هذه الأسطورة حية على مدار العصور، لأن الشعر الذي تبدو عليه الحيوية يتميز طبيعيًا باللمعان الذي يعود إلى محتوى الدهون (الفسيولوجي) بالشعر؛ وفي المقابل يرتبط الشعر غير اللامع وغير الدهني بالتقصف. ومع ذلك، كلا الأمرين ليس لديهما أي تأثير على تساقط الشعر.
ولكن ماذا يحدث عندما يوضع الزيت أو الكريم على فروة الرأس؟ هل يتسرب إلى الجزء الحي وغير الظاهر من الشعر (خصلة الشعر)، ويبدأ من هناك تأثيره المعالج؟ لا.. هذا لن يحدث! فالجلد عبارة عن حاجز قوي للحماية من البيئة، ولا يمكن للزيوت أن تتخلله بسهولة، والأمر أكثر صعوبة في حالة الجزيئات أو المواد النشطة بيولوجيًا. خلق الله جلد الإنسان بخصائص متطورة لا تسمح لأي مادة محيطة بأن تتسلل إلى الخلايا الحية. في أسوأ الحالات، يمكن للزيوت والدهون أن تسبب مشاكل في الجلد، وذلك لأن الزيوت والدهون القوية يمكن أن تظل عالقة ولا تزال عن طريق النظافة الشخصية. هذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى انغلاق مسام الجلد، وبالتالي تكون البثور والالتهابات الموضعية، التي تلعب دورًا في إتلاف جذور الشعر.
طريقة أخرى منتشرة لها الأثر العكسي تمامًا على تحفيز نمو الشعر. وهذه الطريقة تعتمد على إزالة الدهون من الشعر بواسطة الصابون أو الكحول أوالمحاليل القلوية أو الحمضية. لا بد من الإشارة إلى أن المعالجة السطحية لفروة الرأس بالمواد الكيميائية الشديدة – والتي منها بلا شك التركيزات العالية من الكحول – ترتبط بعواقب غير منظورة على الجلد، وبالتالي على الصحة العامة للإنسان. فبالإضافة إلى حقيقة أن هناك جرعات معينة من الكحول لها تأثير مسرطن، يمتلك الكحول خاصية مشتركة مع القلويات والأحماض، وهي أنها جميعًا تدمر (تمسخ) التركيب الفسيولوجي للبروتينات. هذا الأمر يؤثر على أيض الجلد بطريقة غير ظاهرة، كما أنه يعرض المرء لخطر الإصابة بالحروق الكيميائية الحادة جراء التعرض للمحاليل القلوية أو الحامضية القوية. هذا إلى جانب احتمالات الإصابة بالعمى في حالة ملامسة هذه المحاليل للعين.
الثوميات
واء في العالم الغربي أو في الشرق الأوسط والأدنى، يعد الثوم والبصل منذ القدم من الوسائل المنزلية المهمة لعلاج تساقط الشعر. كما الحال مع الزيوت، تعد هذه النباتات من أقدم النباتات المزروعة بيد البشر، وبالتالي فقد مر وقت كافٍ لدراسة آثارها كعلاج لتساقط الشعر. إحدى الوصفات على سبيل المثال تتكون من بصلة مقطعة على شكل حلقات توضع في خمر العنب المقطر وتدلك فروة الرأس بهذا المزيج.
من الواضح على الأقل أن البصل والثوم يمكن أن يكون لهما تأثير على الجسم. ويتضح ذلك من الرائحة التي تنبعث من الشخص بعد تناوله كميات كبيرة من هذه النباتات. ومع ذلك، فإن ما ينطبق على تناول النبات لا ينطبق بالضرورة على الاستخدامات الخارجية له. فالمركبات العديدة التي بالمناسبة هي المسؤولة عن الرائحة المميزة للثوم، لا يمكن أن تتخلل الجلد عند استخدامها كدهان خارجي عليه. هذا الأمر ينطبق أيضًا على البصل.
وعلى الرغم من أن هذا الأمر يبدو غير ضروري، إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن علاج فروة الرأس بالبصل أو الثوم ينبغي القيام به مع الحرص الشديد على عدم تلامس المكونات مع العيون تحت أي ظرف، لكون المركبات الكيميائية الموجودة في الثوميات تسبب آثارًا مهيجة قوية بشكل أو بآخر على العيون والأغشية المخاطية. وينبغي مراعاة هذا الأمر بصفة خاصة في حالة وضع البصل أولاً في محلول يحتوي على تركيزات عالية من الكحول. هذا العلاج يسبب أيضًا اضطرابات في توازن الرطوبة الطبيعية في الجلد بسبب ما يحدثه من جفاف. هذه الاضطرابات تسبب جفاف وتشقق الجلد، فضلاً عن تمزق الجلد بسبب الضغوط اليدوية الواقعة عليه. كما أن هذا الأمر يفتح الباب أمام حدوث الالتهابات التي قد تسوء إلى حد تكون ندبات غير جمالية على الإطلاق.
ومع ذلك، يجب ملاحظة ما يلي: على الرغم من أن البصل والثوم ليس لهما أي تأثير على تساقط الشعر، إلا أن هناك أسباب وجيهة تدعونا لتناول هذه الخضروات: فمن ناحية، يستخدم الثوم والبصل منذ القدم لإثراء الأكلات في جميع المطابخ ومختلف الثقافات. ومن ناحية أخرى هناك أدلة متزايدة على أن تناول الثوم يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بتصلب الشرايين.
طرق علاج أخرى بالأعشاب والنباتات
ناك توصيات أخرى بالأعشاب والفواكه بجميع أنواعها لعلاج تساقط الشعر. وتشمل هذه القائمة على سبيل المثال أعشاب المريمية، والزعتر، والعرعر، وإكليل الجبل (الروزماري)، والأرقطيون، والقراص، والحلبة، وعود الوج، إلى جانب قشور الليمون أيضًا. ومع ذلك، لا يوجد أي دليل عملي على فاعلية هذه النباتات، والذي يرجع جزئيًا إلى الأسباب المذكورة أعلاه. وفي المقابل هناك براهين قوية توثق المخاطر الناجمة عن استهلاك بعض النباتات أو أجزاء منها. فعلى سبيل المثال يحتوي نبات عود الوج على مادة الأسارون، التي ثبت أنها تسبب التشوهات الخلقية، ومسرطنة، وسامة على عملية التكاثر.
الأمر نفسه ينطبق على استخدام زيت معين، وهو زيت الكروتون. يستخرج هذا الزيت من نبات الكروتون، وكان يستخدم قديمًا في الطب الشعبي لعلاج اضطرابات الجهاز الهضمي بصفة خاصة. ثم بدأت التوصية باستخدام زيت الكروتون بعد ذلك في الموسوعات الطبية المعاصرة كعلاج لتساقط الشعر. ولكن هذا الزيت يخلف آثارًا خطيرة منها أنه يسبب الضرر للتركيب الوراثي ويساعد على نمو الأورام. كما أنه يؤدي إلى آثار أخرى غير مرغوب فيها مطلقًا، فيسبب التهيجات والالتهابات الجلدية في غضون فترة قصيرة من تلامس الزيت مع الجلد. وترتبط هذه الآثار بكل من الجرعة المستخدمة والمكونات التي صنع منها الزيت. ففي التجارب على الحيوانات تبين أن وضع الزيت على الجلد يسبب الالتهابات، مما يؤدي إلى ظهور الحبوب على طبقات البشرة. وفي حالة عدم زوال هذا الالتهاب بعد 30 ساعة، يتسبب الزيت في إحداث ضرر وراثي دائم.
مادة أخرى مستخلصة من النباتات يعتقد أيضًا أنها تساعد على نمو الشعر. هذه المادة هي الكافيين، التي تتواجد بشكلها الطبيعي في حبوب القهوة على وجه الخصوص. يحدث الكافيين العديد من الآثار الفسيولوجية في الجسم البشري عند تناوله، ولكن هناك أسطورة أخرى تشير إلى أنه يساعد على نمو الشعر عند استخدامه بشكل خارجي. ومع ذلك لم تستطع أية دراسة مرضية أن تبرهن سريريًا على جدوى الاستخدام الخارجي للكافيين لنمو الشعر. وعلى الرغم من أن بعض الدراسات تبحث في آثار مادة الكافيين في النظم النموذجية، إلا أنه لم يتم التوصل إلى أية بيانات تخص المرضى الذين يعانون من تساقط الشعر. وحتى الآن لم يتم التبين سوى من أنه ليست ثمة أضرار لاستخدام الشامبو والصبغات على فروة الرأس.
وخلاصة القول فيما يتعلق بعلاج تساقط الشعر بالأعشاب، أن هذه العلاجات في أفضل الحالات ليس لها أي تأثير على الإطلاق على الصلع، كما أنها لا تحدث أية آثار فسيولوجية. أما في أسوأ الحالات، فهي تتسبب في جفاف وتقشف الجلد، والإصابات السطحية، والالتهابات المصاحبة لتكون الندوب، كما قد يصل الأمر إلى الإصابة بالأورام. ولذلك يلزم الحذر عند استخدام المنتجات العشبية غير المعروف مكوناتها.
طرق العلاج بالعناصر المعدنية
ذكر في هذا القسم بعض الطرق التي تنطوي على استخدام المعادن مثل الكبريت أو جزيئات البترول مثل القطران. وهنا لا بد أيضًا من ذكر أن القطران وجزيئات البترول وغيرها من العناصر المشابهة يحتمل أن تحتوي على مواد مسرطنة. كما أن أساليب العلاج بهذه المعادن لا تعدو كونها ظاهرة هامشية، وغالبًا لا يتم وصف طريقة استخدامها على نحو دقيق. ويبدو أن هذه الطرق لا تستحق الاهتمام ويفضل تجاهلها، بالنظر إلى الأخطار المحتملة التي تنطوي عليها.
الذبابة الأسبانية
ي إحدى موسوعات الطب الشعبي المعروفة والتي تعود إلى عام 1920، ذكر الذباب الأسباني أيضًا كعلاج لتساقط الشعر، وكان ينصح باستخدامه “كدهان، أو صابون، أو مرهم، أو لاصقة”. هذه الحقيقة تستحق الذكر بصفة خاصة، لأن هذه خنفساء (الذرنوحة المنقطة) المعروفة باسم الذبابة الأسبانية كانت تستخدم لقرون عديدة في مناطق كثيرة من أوروبا كعلاج متكامل من الطب الشعبي. وكان السبب في استخدام هذه الخنفساء كدواء هو أن اللمف الدموي الموجودة في الخنفساء يحتوي على كميات كبيرة من مادة الكانثاريدين. وقد استخدمت هذه المادة على نطاق واسع منذ العصور القديمة، وكانت تستخدم كعلاج للضعف الجنسي، حيث تمنح القدرة على الانتصاب لفترات طويلة، مما كان يسبب الألم الشديد في بعض الأحيان، بسبب التهيج الكبير الذي يحدث في المسالك البولية. ولهذا السبب، يعد الكانثاريدين من المواد الخطيرة على الكلى. فتناول جرعات مرتفعة من هذه المادة يحدث تأثيرات سمية عصبية يمكن أن تؤدي إلى الوفاة لا قدر الله حتى وإن كانت بتركيزات منخفضة. وفيما يتعلق باستخدام الكانثاريدين كوسيلة لإيقاف تساقط الشعر، لا يمكن سوى أن نقول أن الاستخدام الخارجي لمادة الكانثاريدين يعمل كسم مهيج ذي تأثير قوي، ويسبب نخر خلايا الجسم إلى جانب الالتهابات الشديدة. ربما تستند التوصية باستخدام الذبابة الأسبانية كعلاج لتساقط الشعر إلى أن فرك فروة الرأس بهذه المادة يقوي الدورة الدموية في الجلد، وبالتالي فإنه يحفز نمو الشعر من جديد. ولكن حتى في هذه الحالة لا توجد أدلة عملية على نجاح هذا الأمر، وبالنظر إلى المخاطر المحتملة التي قد تنجم عن استخدام مادة الكانثاريدين في التجارب المنزلية، فإننا ننصح بعدم استخدام الذبابة الأسبانية على الإطلاق.
التمشيط المفرط
ناك شيء يمكن إثباته: يعد تنشيط الدورة الدموية وتغذية فروة الرأس من الأمور ذات الأهمية الشديدة لنمو الشعر. هذا هو الواقع الذي لا يقبل الشك. ومن أجل تعزيز تدفق الدم وبالتالي تحفيز نمو الشعر، قد نتلقى نصائح في بعض الأماكن بأن هذا الأمر يمكن تحقيقه من خلال تمشيط الشعر بشكل مفرط. وفي هذا الإطار ينصح بتمشيط الشعر بقوة بحيث تلامس أسنان المشط فروة الرأس من أجل تحقيق أكبر قدر من التأثير. وهنا نقول أولاً: نعم، وصول الدم والعناصر الغذائية أمر ضروري، ولكن ينبغي أن تنصب أية جهود في هذا الإطار على تحسين وصول الدم والغذاء إلى الجسم والشعر. ولذلك فإن أية جهود يدوية شديدة لمدة قصيرة مثل تمشيط الشعر لن تجدي نفعًا نحو الوصول إلى الهدف المطلوب. بل إن استخدام المشط بقوة زائدة يزيد من مخاطر التعرض لإصابات سطحية. كما أن الجذب المتواصل للشعر بواسطة المشط يمكن أن يتسبب في حدوث تمزق في الأوعية الدموية الصغيرة، مما يعرض للإصابة بالتجمعات الدموية. وكلا الأمرين غير مطلوب بالمرة! إن التمشيط المفرط للشعر ليس إلا محاولة للوصول إلى الهدف الصحيح، ولكن باستخدام الوسيلة الخاطئة.
كيف يمكن بالفعل علاج تساقط الشعر
وضح الحقائق السالفة الذكر أنه في تاريخ البشرية كانت هناك جهود متنوعة ومبتكرة على نحو كبير لوقف تساقط الشعر أو حتى إعادة نموه. ولكن اتضح اليوم وفقًا لجميع الآراء أن جميع هذه الأساليب من الناحية العلمية غير فعالة على الأقل، بل في أسوء الحالات قد يكون تأثيرات ضارة على المريض.
لعلاج الصلع بشكل فعال ولتحقيق النتيجة الجمالية المرجوة للشخص المصاب، ينبغي أولاً توضيح أسباب تساقط الشعر. هناك العديد من العوامل التي ينبغي وضعها في الاعتبار: إذا كان السبب في تساقط الشعر هو تناول دواء ما، أو سوء التغذية لفترات طويلة، فيمكن علاج هذا السبب في ظل ظروف معينة، ليعود الشعر بعد ذلك للنمو بشكل طبيعي ومن تلقاء نفسه (عكس الصلع). أما في حالة تساقط الشعر بسبب الإصابة بندوب جراء الحوادث، أو الجراحات، أو عضات الحيوانات، فإن شكل وحجم الندبة يلعب هنا دورًا مهمًا في اتخاذ التدابير العلاجية الممكنة. من المهم أيضًا أن يوضع في الاعتبار عمر الشخص المصاب؛ هل هناك احتمالات لزيادة درجة الصلع، مما يستوجب تفضيل طريقة علاج عن أخرى؟
كما ترون، لا يمكن تقديم توصية علاجية عامة، إذا أردنا تقديم رعاية طبية مسؤولة للمرضى. ولهذا السبب نحن نشجعك على ما يلي: إذا كنت تعاني من تساقط الشعر، وتشعر أن هذا الأمر يؤثر على حياتك، فلا تتردد في الاتصال بنا والحصول على استشارة شخصية لدينا في العيادة. سوف نتناقش معًا حول الإمكانيات المتاحة لزرع الشعر، كما سوف نناقش معك القيود المصاحبة لهذه الطريقة بأمانة ومسؤولية. يسعدنا تشريفكم لنا في جميع الأوقات.